اكتتاب الأردنيين.. بالاستثمار الذهبي*علاء القرالة
الراي
مع إعلان الحكومة عن بدء الاستعداد لإطلاق مشاريعها الكبرى أدعوها لاتخاذ خطوة جريئة طال انتظارها، وفتح باب الاكتتاب العام أمام الأردنيين في مشاريعهم القومية، وفي مقدمتها مشروع الناقل الوطني، فالمواطن لم يعد يقبل أن يكون متفرجا، بل بات يبحث عن دور أكبر وأكثر تأثيرا بصياغة مستقبل وطنه، فهل ستفتح الحكومة الاكتتاب أمامهم؟.
المعلومات التي لدي تشير إلى أن الحكومة تدرس هذا الخيار فعلا، وتحديدا في مشروع الناقل الوطني الذي لا يعد مجرد بنية تحتية، بل يمثل شريان حياة لكل بيت أردني، واستثمارا طويل الأمد يحمل بعدا اجتماعيا اقتصاديا استراتيجيا،فهذا
المشروع كبير من حيث الأثر، ومجدٍ من حيث العائد، وفتح الباب للمواطنين للاكتتاب فيه، سواء من داخل المملكة أو من قبل المغتربين في الخارج، يعني تحويلهم من متابعين إلى شركاء، ومن منتظرين للنتائج إلى مساهمين في صنعها.
نحن اليوم أمام فرصة لصياغة نموذج اقتصادي جديد، يتجاوز فكرة "الدولة الممولة" إلى الدولة الشريكة، وينتقل من "مفهوم المواطن المستفيد إلى مفهوم المواطن المستثمر"، وهذا التحول "أصبح ضروري"إذا ما أردنا أن نغادر عقلية المركزية المالية، وننتقل إلى اقتصاد إنتاجي تشاركي كما تنص عليه رؤية التحديث الاقتصادي 2033.
اليوم، المواطن والمغترب على حد سواء، يتطلعان لفرص استثمار آمنة داخل الوطن، وما من فرصة أوضح ولا أهم من مشاريع وطنية استراتيجية كبرى، تدار بشفافية، وتبنى على أسس استثمارية، وتخدم حاجتهم اليومية كالمياه والطاقة والنقل.
الاكتتاب ليس مجرد تمويل بديل، بل هو قرار سياسي واقتصادي في آن واحد، يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن ويولد شعورا بالمسؤولية، ويخلق رغبة في المتابعة والمساءلة، ويعيد بناء الثقة بين الطرفين على أسس جديدة قائمة على المشاركة لا التلقي.
كما أن هذه الخطوة ستنعش سوق عمان المالي، وتضخ فيه دماً جديداً، بمشاريع كبرى تدخل السوق وتعيد الحيوية إليه، وتحوله من سوق متأثر الى سوق مؤثر، يلعب دوره الطبيعي في دعم الاقتصاد الوطني، وهنا لا نطلب بمعجزةً، بل نطلب قرارا شجاعا يعكس ثقة الدولة بمواطنيها، وذلك بفتح باب الاكتتاب في مشروع وطني كـ"الناقل الوطني" وتسجيل سابقة إيجابية، تعزز فرص النجاح من جهة، وتقوي علاقة المواطن بوطنه من جهة أخرى.
خلاصة القول، ما دامت الدولة تدخل مرحلة البناء والانطلاقة الفعلية، فعليها أن تبدأ بالشراكة والمواطن مستعد ليكون جزءا من هذا التحول، لا شاهدا عليه، وهنا لابد من فتح الباب له، فلتبادر الحكومة، ولتبدأ شراكة وطنية، قاعدتها الاكتتاب، وهدفها تمكين المواطن من مشروعه لا فقط خدمته.