الراي
سبق وان قلنا ان وزارة العمل تعمل في الظلام فهي لا تمتلك قاعدة بيانات واضحة تحدد لها العدد الحقيقي للعمالة الوافدة والأرقام التي تطلق من هنا وهناك هي ارقام متخيلة .
آخر تعداد سكاني قال ان عدد السكان على ارض المملكة بلغ تسعة ملايين ونصف المليون نسمة منهم 6.6 مليون أردني ونحو ثلاثة ملايين غير أردني.
هؤلاء الملايين الثلاثة ليسوا كلهم عمالة وافدة منخرطة في السوق وآنذاك عندما اجري التعداد كنا نتحدث عن ١،٣ مليون لاجئ سورى مع عائلاتهم لم يعد العدد كذلك اليوم .
لم تقل الإحصاءات حينها ان هناك مليون وافد من الجنسية المصرية فالعدد المحصى بلغ في حينه ٦٠٠ ألف .
العمالة المصرية متحركة أعداد تخرج وأخرى تدخل إلى السوق نصف ذلك العدد يحملون تصاريح عمل وكنا نعتقد أن هناك مليون مقيم عراقي والعدد الفعلي لم يتجاوز ١٠٠ ألف .
بعيدا عن الأرقام هناك اعتقاد خاطئ بان العمالة الوافدة تخطف فرص العمل من الأردنيين ، عدا عن المهن المغلقة على الأردنيين يمارس هؤلاء مهن لا يمارسها العامل الأردني ، ووزارة العمل في الأردن مظلومة والمطلوب منها اكثر من امكانياتها فقد حملت مهمة التصدي للبطالة على حساب مهمتها القانونية وهي تنظيم سوق العمل، وهي المهمة التي ما زالت فيها تعمل في الظلام أي في ظل عدم توفر المعلومات، فلا يستطيع وزير العمل أن يعطي أرقاماً محددة بل تقديرات قد تصح أو لا تصح،
الأردن ليس في مقدمة الدول التي تصدر وتستورد العمالة، وبأعداد كبيرة، لكن سوقه غير منظم خلافاً لكثير من الدول التي يعرف وزراء العمل فيها العدد الدقيق للعمالة وجنسياتهم بفضل قاعدة بيانات واضحة يسهل معها وضع الخطط وربما كان هذا هو سر فشل برامج محاربة البطالة والتوظيف.
عـدد الأردنيين العاملين في الخارج أكثر من 600 ألف، ويقال إن عدد العمالة المصرية في الأردن (ما زالت العمالة السورية خارج الحسابات بالرغم من أهميتها المتزايدة) 600 ألف ويصر وزراء العمل المتعاقبون على أن أعدادهم لم تتجاوز المليون !!. تباين الأرقام بشأن العمالة المصرية وغيرها من الجنسيات يعكس غياب قاعدة بيانات محددة ناهيك عن أعداد العمالة السورية التي لا يعرف أحد حجمها ولا المهن التي تزاولها.
اذا اين تكمن الفجوة؟ اول هذه الفجوات هي قلة المشاريع التي توفر بيئة عمل مناسبة تشمل تأمينا صحيا واستدامة وحماية وضمانا اجتماعيا وغير ذلك من الحقوق. لكن هل وجدت العمالة الوافدة فرصا لم تعثر عليها المحلية؟ وهل يعني ذلك ان العمالة المحلية ترفض الفرص وتتركها للعمالة الوافدة؟ المشكلة التي يتوافق عليها الخبراء هي ان هناك فجوة بين ما تحتاجه السوق وبين المخرجات التي ترفد هذه السوق .بالعمالة ليس هناك عمالة وافدة في قطاعات الاتصالات بل ان قطاع المطاعم وخدمات التوصيل احتلته ايد عاملة اردنية وكذلك .قطاع السياحة والفندقة وحتى محطات بيع الوقود .
ما زال من يعلق تفاقم البطالة على شماعة العمالة الوافدة يتجاهل الأسباب الحقيقية، وهي مخرجات التعليم والتوسع غير المدروس في تسهيل الحصول على الشهادات العليا فما تمنحه الجامعات الأردنية من شهادات الدكتوراة مثلا يفوق ما تمنحه الأولويات المتحدة وفي تخصصات لا لزوم لها.