" وكلاء الذكاء الاصطناعي".. تطور هائل ينقلنا لمرحلة جديدة في الاعتماد على الآلة
الغد- إبراهيم المبيضين
يشهد العالم الرقمي اليوم ثورة كبيرة في مجال " وكلاء الذكاء الاصطناعي"، الذين أصبحوا يمثلون اليوم واجهة جديدة للتفاعل بين الإنسان والتقنية، وتطور هذا المفهوم خلال العام الحالي بشكل كبير ليقدم المساعدين الصوتيين، وروبوتات الدردشة، والوكلاء الافتراضيين في المنصات الرقمية لخدمة الأفراد ومختلف القطاعات عبر أدوات فاعلة في إدارة الحياة اليومية والعمل المؤسسي.
وتوقع خبراء محليون أن ينقل مفهوم " وكلاء الذكاء الاصطناعي" صناعة الذكاء الاصطناعي والعلاقة بينها وبين والمستخدم إلى مرحلة جديدة، تأتي بعد الثورة التي أحدثها الذكاء الاصطناعي التوليدي في العامين الأخيرين، وأن يقربنا خطوة إضافية نحو (الذكاء الاصطناعي العام) وهو الذكاء القادر على التعلّم والتكيّف بطريقة مشابهة للإنسان.
وأوضح الخبراء أن مفهوم " وكلاء الذكاء الاصطناعي" بدأ بالظهور خلال عام 2025، خاصة في قطاع الأعمال، ومن المُتوقع أن يشهد عام 2026 انتشارًا أوسع لهذه التقنية، لتصبح عنصرًا محوريًا في حياتنا المهنية والشخصية، مع ما تقدمه من مزايا زيادة الكفاءة والإنتاجية، مع فتحها أبوابا وتساؤلات حول أخلاقيات هذه التقنيات التي تقدر على اتخاذ قرارات وتنفيذ مهام متعددة الخطوات ذاتيًا، والتفاعل مع الأنظمة الخارجية، وتحقيق أهداف طويلة المدى بأقل قدر من التدخل البشري.
تعريف وكيل الذكاء الاصطناعي
الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والميتافيرس رامي الدماطي أوضح مفهوم " وكيل الذكاء الاصطناعي" وعرفه على أنه " نظام ذكي قادر على اتخاذ قرارات وتنفيذ مهام تلقائياً استناداً إلى أهداف محددة وبيئة معينة دون تدخل بشري مباشر. يختلفون عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التقليدية التي غالباً ما تكون أدوات موجهة (مثل برامج التصنيف أو الترجمة)، لأن الوكلاء يتمتعون بخصائص “الاستقلالية”، أي أنهم يخططون، يتعلمون، ويتصرفون لتحقيق أهدافهم بأنفسهم".
وقال الدماطي إن تطبيق الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي بي تي في وضعه الحالي حاليا يخدم المستخدم بناء على طلب المستخدم وبتوجيه منه فهو مصمم لمعالجة اللغة الطبيعية، ويقوم بإنشاء نصوص شبيهة بالنصوص البشرية بناءً على المدخلات، ولكنه لا يتصرف بشكل مستقل في بيئة مادية أو رقمية.
أمثلة على تطبيقات وكيل ذكاء اصطناعي موجودة
واستعرض الدماطي أمثلة على تطبيقات وكيل ذكاء اصطناعي بدأت بالظهور العام الحالي، ومنها Manus وهي منصة وكلاء ذكاء اصطناعي قابلة للتخصيص، تتيح للمستخدمين بناء وكلاء تنفيذيين يديرون المهام المتكررة مثل جدولة الاجتماعات، كتابة التقارير، وإدارة البريد الإلكتروني، حيث يتميز الوكلاء بقدرتهم على العمل عبر عدة تطبيقات تلقائياً دون الحاجة لتدخل مباشر.
وقال إن من الأمثلة الأخرى AutoGPT وAgentGPT وهم وكلاء قادرون على تنفيذ مهام متعددة مثل تحليل السوق أو تطوير حلول بناءً على تعليمات عامة. ووكيل Devin من شركة Cognition AI وهو أول وكيل ذكاء اصطناعي يعمل كمبرمج متكامل يطور تطبيقات ويب كاملة، مشيرا الى تطبيقات Microsoft Copilot وGoogle Gemini Agents وهم وكلاء مدمجون في بيئات العمل المكتبي والتنفيذي، ينفذون أوامر معقدة عبر التطبيقات والأدوات اليومية.
القطاعات المستفيدة من وكلاء الذكاء الاصطناعي
ومن جانبه قال الخبير في مجال الاتصالات والتقنية وصفي الصفدي إن " وكيل الذكاء الاصطناعي" سيؤدي دورا مهما في تطوير صناعة الذكاء الاصطناعي بشكل عام ودفعها نحو ما يسمى بالذكاء الاصطناعي العام، كما سيؤدي دورا مهما في عمليات التحول الرقمي الذكي في كل القطاعات.
وأوضح أنه يمكن استخدام وكلاء الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من القطاعات أهمها: قطاع الرعاية الصحية من خلال أنظمة التشخيص، توصيات العلاج الشخصي، والجراحة الروبوتية، وقطاع التمويل للكشف الاحتيال، التداول الخوارزمي، والنصائح المالية الشخصية، وقطاع النقل من خلال السيارات ذاتية القيادة، أنظمة إدارة المرور، وطائرات التوصيل بدون طيار.
وأضاف، إن من القطاعات التي يمكن أن تستفيد من وكلاء الذكاء الاصطناعي أيضا قطاع التجزئة في إدارة المخزون، التسويق الشخصي، وروبوتات الدردشة لخدمة العملاء، والمنازل الذكية من خلال أجهزة مثل منظمات الحرارة، الإضاءة، وأنظمة الأمان التي تتكيف مع سلوك المستخدم، وفي قطاعات الألعاب والترفيه والوسائط التفاعلية، فضلا عن إمكانية الاستفادة منها في قطاع التصنيع عبر الروبوتات التي تجمع المنتجات أو تدير سلاسل التوريد.
مزايا وكلاء الذكاء الاصطناعي
وتطرق الصفدي في الحديث إلى مزايا وفوائد متعددة لوكلاء الذكاء الاصطناعي ومنها (الكفاءة)، حيث إن أتمتة المهام المتكررة، توفر الوقت والموارد، كما ويتيح المجال أمام البشر للتركيز على المهام الإستراتيجية، كما يقدم ميزة ( الدقة) من خلال تقليل الأخطاء البشرية في عمليات اتخاذ القرار معتمدة بشكل كبير على تحليل البيانات الفائق السرعة وتحليل الأنماط والتنبؤ بالنتائج واتخاذ القرارات بسرعة عالية.
وقال إن وكيل الذكاء الاصطناعي يقدم ميزة ( القدرة على التوسع) حيث يمكنه التعامل مع أحجام كبيرة وفائقة من البيانات ( تريليونات من البيانات) والمهام في وقت واحد، والقدرة على التكيف كونها تتعلم وتحسن أداءها بمرور الوقت (إذا تم تصميمها بقدرات تعلم آلي) مما يجعلها مستقلة وقد تتفوق بقدراتها مع مرور الوقت والتعلم المستمر.
ولفت إلى أن من مزاياه، العمل 24/7 365 يوما ما يعني أنه يمكنها العمل بشكل مستمر دون تعب. ومن جانبه قال الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس هاني البطش إنه رغم الفرص الهائلة، يواجه انتشار وكلاء الذكاء الاصطناعي مجموعة من التحديات الأخلاقية والأمنية منها فقدان الوظائف الروتينية نتيجة الأتمتة الواسعة، ومخاطر الخصوصية والأمان مع جمع وتحليل البيانات الشخصية الحساسة، وتحيز الخوارزميات الناتج عن البيانات المستخدمة في التدريب.
إضعاف المهارت التحليلية للبشر
وأكد البطش أن من أهم التحديات أيضا أن الاعتماد المفرط على الأنظمة الذكية يضعف مهارات البشر التحليلية.
وعلاوة على ذلك، قال البطش إن غياب التنظيم القانوني في بعض الدول، ما يفتح الباب أمام استخدامات غير أخلاقية أو تلاعب بالمعلومات، لافتا إلى أن العام 2025 شهد تركيزاً متزايداً من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على وضع أطر تنظيمية لضمان الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، مع اشتراط الشفافية، القابلية للتفسير، ومساءلة الشركات المطورة.
التحدي القادم: الحوكمة والثقة
ووسط هذا التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي ووكلاء الذكاء الاصطناعي قال الدماطي ان " السؤال الأهم هو اليوم : كيف نوازن بين تسريع الابتكار وضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه الوكلاء؟"
وقال إن بناء الثقة الرقمية يتطلب حوكمة ذكية، تشمل سياسات واضحة لحماية الخصوصية، وشفافية في القرارات التي تتخذها الأنظمة.