أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Oct-2025

الاستقرار المالي في الأردن: رحلة التعافي والتحديات المستقبلية*د. احمد عوض النعيمي

 الراي 

في ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة والأزمات العالمية المتتالية، يبرز الاستقرار المالي كعنصر أساسي لضمان صحة الاقتصاد الوطني. يُعتبر المؤشر الإجمالي للاستقرار المالي أداة حيوية لتقييم هذا الاستقرار، إذ يقيس قدرة النظام المالي على مواجهة التحديات وضمان استمرارية النمو. يتراوح هذا المؤشر بين 0 و1، حيث تعكس القيم العالية استقراراً قوياً، بينما تشير القيم المنخفضة إلى وجود مخاطر قد تؤثر سلباً على الاقتصاد. من خلال تحليل هذا المؤشر، يمكن لصانعي السياسات والمستثمرين اتخاذ قرارات مستنيرة تعزز من متانة النظام المالي وتحميه من الاضطرابات.
 
وفقًا لتقرير الاستقرار المالي لعام 2024 الصادر عن البنك المركزي الأردني، يُظهر المؤشر الإجمالي للاستقرار المالي تحسناً ملحوظاً، حيث وصل إلى 0.60. يعكس هذا التحسن استقراراً متزايداً في النظام المالي، ويُعزى إلى عدة عوامل، من بينها الارتفاع الملحوظ في مؤشر الاقتصاد الكلي، الذي سجل زيادة من 0.66 في عام 2023 إلى 0.70 في عام 2024. كما ساهم انخفاض عبء الدين للأفراد ومعدل التضخم في تعزيز حالة الاستقرار، مما يعكس جهود الحكومة في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
 
تاريخياً، شهد المؤشر في الأردن تطورات ملحوظة، فقد بدأ عند 0.64 في نهاية عام 2007، قبيل الأزمة المالية العالمية، ولكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية الناتج عن هذه الأزمة، انخفض المؤشر إلى 0.50 في نهاية عام 2008، مما أظهر بوضوح المخاطر التي واجهها القطاع المالي. ومع ذلك، شهدت السنوات التالية بعض التحسن، حيث ارتفع المؤشر مجدداً ليصل إلى 0.64 في نهاية عام 2009، مما أعطى الأمل في انتعاش الاقتصاد.
 
غير أن فترة بين عامي 2010 و2012 شهدت تحولاً كبيراً، حيث تراجعت القيمة إلى 0.36، وهو أدنى مستوى سجله المؤشر. كان هذا الانخفاض نتيجة مباشرة لتداعيات أحداث الربيع العربي وأزمة اللاجئين، مما أثر سلباً على الاقتصاد الأردني. ورغم هذه التحديات، بدأت علامات التعافي بالظهور في عام 2015، حيث ارتفع المؤشر إلى 0.57، مما يعكس تحسناً في الظروف الاقتصادية. ومع ذلك، لم تتوقف التحديات، فقد تراجع المؤشر مرة أخرى إلى 0.46 في عام 2018، مما يدل على استمرار الضغوط الاقتصادية.
 
في عام 2019، سجل المؤشر تحسناً ملحوظاً، حيث ارتفعت قيمته إلى 0.55، وذلك في ظل زيادة نسب السيولة وكفاية رأس المال لدى البنوك. ومع ظهور جائحة كورونا في عام 2020، تأثر الوضع الاقتصادي بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض المؤشر إلى 0.44. لكن الأمور بدأت تتحسن مجددًا، حيث ارتفع المؤشر إلى 0.47 و0.50 في عامي 2021 و2022 على التوالي، مما يشير إلى تعافٍ تدريجي.
 
علاوة على ذلك، احتل الأردن المرتبة الأولى بين 23 دولة في مؤشر استقرار القطاع المصرفي، مما يعكس التحسن الكبير للجهاز المصرفي في هذا المجال. يعكس هذا الإنجاز قوة القطاع المصرفي واتباعه لأفضل الممارسات الدولية، كما يبرز قدرة النظام المالي الأردني على التكيف مع التحديات واستغلال الفرص المتاحة.
 
ان المؤشر الإجمالي للاستقرار المالي في الأردن يعكس قدرة النظام المالي على التعافي وتعزيز هذا الاستقرار ضروري لدعم التنمية المستدامة، ونأمل أن يشهد العام المقبل تحسناً يعكس مزيداً من التقدم للاقتصاد الأردني.