الدستور
وفقا لتقرير دائرة الاراضي والمساحة، فقد سجلت معاملات تملك غير الاردنيين خلال الاشهر التسعة الاولى من2025، ما مجموعه 1749 عقارا مقارنة بـ2011 عقارا خلال الفترة نفسها من العام الماضي بانخفاض 13 ٪، ما يعكس حالة من الحذر سببتها مجموعة عوامل اقتصادية واقليمية اثرت على حركة النشاط الاستثماري بعامة والعقاري منه بخاصة.
كما بلغ مجموع الشقق المباعة لغير الاردنيين 1035 شقة بقيمة 53 مليون دينار، فيما بلغ عدد قطع الاراضي المباعة 714 قطعة بقيمة 90 مليون دينار، لتصل القيمة الاجمالية المقدرة الى نحو 144 مليون دينار مقابل 157 مليونا في الفترة نفسها من العام الماضي، بانخفاض نسبته 8 ٪.
وباحتساب المعدل التقريبي لقيمة العقارات المباعة يتبين ان متوسط سعر العقار الواحد بلغ نحو 82 الف دينار، في حين بلغ متوسط سعر قطعة الارض الواحدة 126 الف دينار، ومعدل سعر الشقة الواحدة قرابة 51 الف دينار.
هذه البيانات، تكشف، عن وجود ثلاث مستويات بيعية من حيث قيمة المشتريات العقارية، اظهرتها معاملات البيع للاشهر التسعة الاولى من العام، المستوى الاول، ومثلته الجنسيتان العراقية والاميركية، حيث حلت الجنسية العراقية في المرتبة الاولى بعدد 387 عقارا بقيمة 54.5 مليون دينار، وبمتوسط 141 الف دينار للعقار الواحد، فيما جاءت الجنسية الامريكية في المرتبة الثانية بعدد 127 عقارا بقيمة 14.8 مليون دينار، بمتوسط 116 الف دينار للعقار الواحد.
الستوى الثاني، ومثلته الجنسيتان السورية والفلسطينية، فالجنسية السورية حلت ثالثا بعدد 169 عقارا بقيمة 10 ملايين دينار، وبمتوسط59 الف دينار للعقار الواحد،، فيما حلت الجنسية الفلسطينية في المرتبة الرابعة بعدد 113 عقارا بقيمة 7.7 مليون دينار وبمتوسط 68 الف دينار للعقار الواحد.
المستوى الثالث، ومثلته الجنسية السعودية، التي حلت خامسا بعدد 286 عقارا بقيمة 7 ملايين دينار، وبمتوسط 24.5 الف دينار للعقار الواحد.
معدلات الشراء هذه اظهرت امرين: الاول، ان السوق العقاري الاردني يتمتع بمرونة عالية في استيعاب شرائح مختلفة من الطلب الخارجي. والثاني، ان هناك تنوعا في سلوك الشراء حسب الجنسيات، حيث يتركز الطلب العراقي والامريكي في الشريحة العليا من السوق ذات العائد الطويل الاجل، بينما يتجه المستثمرون السوريون والفلسطينيون الى فئة الشقق المتوسطة الموجهة للاستخدام الفعلي او التأجير، في حين يتعامل المستثمرون السعوديون مع العقار كخيار احتياطي منخفض الكلفة.
هذه المستويات السعرية تشير الى ان السوق العقاري ما زال محافظا على توازن معقول بين العرض والطلب دون تضخم سعري، وان الاسعار الحالية تبقى ضمن نطاق جاذب بالمقارنة مع الاسواق المجاورة، ما يجعل القطاع العقاري بيئة استثمارية آمنة وواعدة على المدى المتوسط.
هنا، فقد كان للظروف الاقليمية والعالمية وما يزال تاثير على حركة رؤوس الاموال والاستثمار في العقار وغيره، يضاف اليها استمرار ارتفاع اسعار الفائدة التي زادت من كلفة التمويل العقاري، ناهيك عن تراجع الطلب السكني من االسوريين بعد عودة جزء منهم الى بلادهم الامر الذي خفف الضغط على سوق الشقق الصغيرة والمتوسطة، إضافة الى ضعف العائد الايجاري وزيادة المعروض، ما خفض من شهية المستثمرين للمضاربة العقارية قصيرة الاجل.
وعليه، فانخفاض مبيعات العقارات لغير الاردنيين لا يعني تراجع جاذبية السوق، بل يشهد فترة انتقالية، حيث يتجه تدريجيا نحو التوازن بفضل اساسياته المتينة المعززة بالاستقرار السياسي، ومرونة الاجراءات.
ومع المضي قدما بتنفيذ برامج رؤية التحديث الاقتصادي، التي تضع الاسكان الذكي ضمن اولوياتها، فان السوق العقاري سيستعيد زخمه تدريجيا خلال المرحلة المقبلة مدعوما باستثمارات جديدة، ومبادرات تحفيزية تعزز دوره كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي، وجاذب لرؤوس الاموال الباحثة عن الاستثمارالذي يحقق العائد والامان.