أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Oct-2025

الأردن.. أرض الممكنات الصناعية والاستثمار الواعد في المنتجات الملموسة*د. أمجد الفاهوم

 الغد

لم تعد قواعد الاستثمار في العالم كما كانت قبل عقدٍ واحد؛ فالرأسمال اليوم يبحث عن بيئاتٍ أكثر استقرارًا، وسلاسل توريدٍ أقصر، وأسواقٍ أكثر مرونة. وفي قلب الشرق الأوسط، يبرز الأردن كنقطة توازنٍ إستراتيجي تجمع بين الأمان السياسي والموقع الجغرافي والانفتاح الاقتصادي، ليغدو وجهةً جاذبةً للاستثمار في المنتجات الملموسة وصناعات الأجهزة والمعدات.
 
 
ففي عام 2024، استقبل الأردن نحو 1.6 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفقًا لتقارير البنك الدولي ووزارة الاستثمار، محققًا نموًا يقارب 14 بالمائة عن العام السابق، رغم الاضطرابات الإقليمية وتحديات الأسواق العالمية. هذه الأرقام تعبّر عن ثقةٍ متنامية في بيئةٍ اقتصاديةٍ استطاعت أن تحافظ على تماسكها وسط عالمٍ متقلّب، وأن تهيّئ للمستثمرين أرضًا صلبة لبناء مشاريعهم الصناعية والتقنية.
اليوم، تتغير قواعد اللعبة في الاستثمار بالمنتجات الملموسة. فالمنافسة لم تعد على رأس المال وحده، بل على المعرفة والابتكار والكفاءة التشغيلية. وهنا، يقدّم الأردن نموذجًا متوازنًا؛ إذ تتكامل الجامعات والمراكز البحثية مع المدن الصناعية والمناطق التنموية لتُنتج بيئةً تفاعلية تربط الفكرة بخط الإنتاج. وتُعدّ مناطق الموقر والمفرق وإربد والزرقاء من أبرز حواضن هذا التحوّل، حيث تُقدَّم إعفاءات جمركية وضريبية تصل إلى 30 بالمائة، إضافة إلى تسهيلاتٍ تمويليةٍ سخية للمستثمرين الجدد.
المكافآت الواقعية للاستثمار الصناعي في الأردن تتجاوز الربح المالي إلى الاستقرار التشغيلي في منطقةٍ تتغيّر موازينها بسرعة. فموقع الأردن الجغرافي الفريد يتيح للمستثمر الوصول إلى أكثر من مليار مستهلك عبر اتفاقيات التجارة الحرة مع أوروبا وأميركا ودول الخليج وشمال أفريقيا. كما تقلّ تكلفة النقل إلى الموانئ الرئيسة بنسبة 25 بالمائة مقارنة بدولٍ منافسة، بفضل شبكة الطرق والمطارات الحديثة، ما يمنح المنتجات الأردنية ميزةً تنافسية في الكلفة وسرعة التسليم.
ورغم وجود تحديات مثل كلفة الطاقة وبعض الإجراءات البيروقراطية، إلا أن الحكومة تسعى بجدٍّ إلى معالجتها عبر مشروع "النافذة الاستثمارية الموحّدة"، الذي اختصر إجراءات الترخيص والتسجيل إلى أقل من 10 أيام عمل، بعدما كانت تستغرق في السابق نحو 45 يومًا. كما يجري العمل على تحفيز الصناعات الخضراء والطاقة المتجددة كجزءٍ من التوجّه الوطني نحو اقتصادٍ أكثر استدامة.
الخبراء يرون أن الوقت الحالي مثالي لدخول السوق الأردني، خصوصًا في مجالات الأجهزة الإلكترونية، والمعدات الطبية، والمكوّنات الميكانيكية، وأنظمة الطاقة الشمسية. فالأردن يمتلك قوى بشريةً مؤهلة؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 70 بالمائة من العاملين في القطاع الصناعي يحملون شهاداتٍ تقنية أو جامعية، وهي نسبة تفوق المعدلات الإقليمية بوضوح.
أما على مستوى المخاطر، فهي اليوم أكثر وضوحًا من أي وقت مضى. فالمستثمر في قطاع المنتجات الملموسة يواجه تقلباتٍ عالمية في أسعار المواد الخام، وحجم سوقٍ محلي محدود نسبيًا، لكنه في المقابل يملك فرصةً للتوسع الإقليمي السريع عبر التصدير، بدعمٍ من بنيةٍ لوجستيةٍ حديثة وحوافز استثمارية جاذبة.
يقول أحد الصناعيين الأردنيين البارزين: "من يستثمر في الأردن لا يشتري مصنعًا فقط، بل ينضم إلى منظومة إنتاجٍ تجمع الأمن بالقانون، والعقل بالتنظيم، والفرصة بالاستدامة".
الأردن اليوم لا يبيع حلمًا مؤقتًا، بل يقدّم فرصةً حقيقية قائمة على الثقة والاستقرار والجدوى الاقتصادية. فبين حكمة القيادة، وصلابة المؤسسات، وكفاءة الإنسان الأردني، تتشكل بيئة استثمارية قادرة على تحويل التحديات إلى مكاسب، والممكن إلى إنجازٍ واقعيٍّ ومستدام.